مع ذلك فإنَّ أخْذَ كلٍّ من منظور الطائر و زاوية نظره و نظرة الحيوانات بعين الاعتبار أيضًا قد مكَّنَنا من طريقةٍ جديدةٍ لتصوُّرِ زاوية نظر الطائر و نظرة الحيوانات. هذا بدوره بدأ في تغيير النظرة إلى الإنسان كمركزٍ أساسيٍ في عملية تصوير الطبيعة. لقد أدى أخذ زاوية نظر الحيوانات بعين الاعتبار إلى التشكيكِ في اعتبار الفن في العالم الغربي أنَّ الحيوانَ ما هو إلا سطحٌ تنعكس عليه صورة الإنسان. كانت صور الحيوانات في الماضي تقول للإنسان انظُر من نحن و كيف نحن. فقد كان يُنظَرُ للحيوان على أنه خصوصيةٌ بصريةٌ مثل المرآة؛ المرآة (الحيوان) لا تنظُرُ إلى ذاتها، بل فقط تقوم بعكس نظرة المخلوق (الإنسان) الذي نظر إليها.

باستعمال الحيوانات كمرآةٍ له تمكَّنَ الإنسانُ من فهم عدة أشياء عن نفسه، غير أننا لو توقفنا عن النظر إلى الحيوانات على أنها مرآة عاكسةٌ لنا و منحنا للمخلوقات الأخرى نظرتَها لاستَطَعْنا أن نفهم العالم من حولنا بشكلٍ أفضل. إن فهم و استيعاب زاوية نظر المخلوقات الأخرى و نمطِ عيشِها بواسطة التصوُّر من شأنه الزيادة من التعاطف اللازم من أجل التعايش بين الإنسان و بقية المخلوقات.

يمكننا أيضًا عبر الطيور أن نرى إلى أي حدٍّ أصبح الإنسانُ أعمى البصر لدرجة أنه لا يرى انقراض الحيوانات من حوله. إن هذا التغيير الهائل و الذي يحدث في صمتٍ هو تغييرٌ غير مرئيٍ تقريبًا. لا تكادُ تُرى الأشكالُ الرائعةُ التي ترسمها الزَّرازيرُ في السماء. أصوات البومة باتت نادرةً في ليالي الربيع. رنينُ أصوات طائر دِرسة الشعير في حقول الحبوب قد اختفى من كل مكانٍ تقريبًا. إنَّ ما يفوق ثُلثَي أنواع الطيور في فنلندا مهدَّدةٌ بالانقراض. فهل يختفي شَدْوُ العصافير من حياتنا إلا مِن مكبرات الصوت في أروقة المراكز التجارية؟

لو تمكن الغراب من التصوير فهل يا ترى سيتمكَّنُ من توثيق انقراض أنواع من المخلوقات أم أنه سيلتقط صورًا لأكوامِ القمامة؟ هل يستطيع هذا الطائر الحكيم أن يُريَنا كيف يستطيع الإنسانُ أن يرى العالم من زاوية نظر المخلوقات الأخرى أيضًا؟

ماذا لو قام الغرابُ بالتقاط صورة؟ كيف ستكون الصور التي سوف يلتقطها؟ أيُّ عالَمٍ سيكون ذلك العالمُ بعين الطائر؟ "نظرةُ طائرٍ" هو اسم مهرجان التصوير السياسي الذي سيُفتتح شهر أكتوبر تشرين الأول. سوف يتأمل المهرجان عبر الصور ما إذا كان بإمكان الإنسان أن يتصوَّرَ نظرةَ الطائرِ و بالتالي يمْكنه فهْمُ العالم بشكلٍ مختلف.

إن التصويرَ و تحويلَ العالم إلى صورٍ قد أثَّرا على فهمنا لاختلاف الإنسان عن غيره من المخلوقات. في بادئِ الأمر استوحى الإنسان تصميمَ عدسة الكاميرا مِن بُنية عينه هو، كما أن عدسات التقريب أو الإبعاد و الكاميرات الخفية و كاميرات الصيد قد مكَّنت الإنسانَ مِن اقتحام عالم الحيوانات على بُعد مسافات طويلة.

أيضًا كان منظور الطائر، بمعنى رؤية العالم من الأعلى عنصرًا محوريًا خلال الاتجاه السائد أوائل القرن الماضي، و الذي كان يرتكز على محورية الإنسان في المنظور المستقبلي. إن تقدُّمَ الطيران حرَّرَ الإنسانَ من قيود الجاذبية، كما أن بُناة ناطحات السحاب قد قاموا برفع الإنسان عاليًا لينبهرَ بجمال العمران و تقدِّم المجال الحضري. إنَّ الارتفاعَ بزاوية النظر قد أخضَعَ العالمَ و مَحا الأُفُقَ و عطَّلَ معيار التصوُّر. إن الصور التي تم التقاطها من منظور الطائر ساعدت الإنسانَ على فهم العالم من خلال التصوير، و الذي لم يكن مبنيًا على أساس الصورة فحسب، بل على الصور التي يتطلب تفسيرها و تأويلها مهارات تخيُّلية جديدة. هذه الطرق في استعمال الصور صارت مألوفةً في تطبيقات الخرائط مثلًا، و كذلك في التصوير للأغراض العسكرية في حروب هذا العصر.

أيضًا كان منظور الطائر، بمعنى رؤية العالم من الأعلى عنصرًا محوريًا خلال الاتجاه السائد أوائل القرن الماضي، و الذي كان يرتكز على محورية الإنسان في المنظور المستقبلي. إن تقدُّمَ الطيران حرَّرَ الإنسانَ من قيود الجاذبية، كما أن بُناة ناطحات السحاب قد قاموا برفع الإنسان عاليًا لينبهرَ بجمال العمران و تقدِّم المجال الحضري. إنَّ الارتفاعَ بزاوية النظر قد أخضَعَ العالمَ و مَحا الأُفُقَ و عطَّلَ معيار التصوُّر. إن الصور التي تم التقاطها من منظور الطائر ساعدت الإنسانَ على فهم العالم من خلال التصوير، و الذي لم يكن مبنيًا على أساس الصورة فحسب، بل على الصور التي يتطلب تفسيرها و تأويلها مهارات تخيُّلية جديدة. هذه الطرق في استعمال الصور صارت مألوفةً في تطبيقات الخرائط مثلًا، و كذلك في التصوير للأغراض العسكرية في حروب هذا العصر.